نرى اليوم العديد من المحتوى والبرامج المثيرة والمليئة بالتأثيرات البصرية في الكثير من الأعمال والبرامج التلفزيونية، خاصة منها السينمائية. فننبهر بظهور أماكن فخمة، تاريخية، أثرية، عواصم كبرى، فضاء، ... ومناظر طبيعية خلابة ورائعة قد لا تكون أصلا موجودة في العالم الحقيقي.
وفي بعض الأحيان تحدث القصة في مدينة معروفة، لكنها قد تكون في الماضي أو المستقبل البعيدين. فتخوض من خلالها الشخصيات، حروبا ومعارك قد تُسحق إثنائها جميع المعالم والأمكنة التي يعرفها المشاهدون أو التي قد يعيش البعض منهم قُربها. وأحيانا أخرى قد تتحول أجساد الشخصيات والممثلون بالكامل، أو قد تكسر قانون الجاذبية فيسبحون داخل مركبات فضائية أو يطيرون في الهواء الطلق أو أنهم يمتطون أظهُر التنانين أو يزرعون المحاصيل في الكواكب البعيدة أو يزورون العوالم السحرية ذات القِلاع الكبيرة المسكونة من قِبل الجن والمخلوقات الغريبة.
كل هذه المشاهد المزيفة العالية التقنية، تحدث بمساعدة خلفيات خضراء اللون. وهي عبارة عن ستائر قماشية ذات اللون الأخضر الفاقع البرَّاق "الستائر الخضراء"، إنها تقنية يُطلق عليها "مفتاح الكروما - Chroma Key" ومعروفة أيضًا باسم "الشاشة الخضراء - Green Screen".
ماهي الشاشة الخضراء - Green Screen ؟
هي تقنية في مجال التصوير والمونتاج يستخدمها كثيرا منتجو ومخرجو السمعي البصري. يتم خلالها وضع ستائر خضراء لامعة في أماكن داخل مشاهد يُراد حذفها وجعلها شفافة أو تبديلها بأماكن أخرى متوافقة مع فكرة ومكان المشهد المراد إخراجه، أو دمجها مع مقاطع فيديو أخرى. وتعرف أيضا بـتقنية "مفتاح الكروما- Chroma Key" أو "الشاشة الخضراء - Green Screen" أو "الستائر الخضراء".
كيف تعمل الشاشة الخضراء على تغيير خلفية المشاهد ؟
تنطلق رحلة الشاشة الخضراء خلال مرحلة التصوير، ويبدأ إدراجها الحقيقي بعد الإنتاج. حيت تُأخد وتُنقل مقاطع الفيديو المسجلة الى الحاسوب أو الهاتف (نقل مقطع فيديو مسجل رقميا، أو مقطع فيديو في بث حي مباشر). حينها يبدأ دور التحرير والغرافيكس والمونتاج العالي المستوى بفصل الخلفيات الخضراء عن الأشياء الأخرى (أشخاص، سيارات، ...) الواقفة أمامها بسهولة (تحويل المشاهد الخضراء الى شفافة) واستبدالها بالمشهد المراد خلفه. شريطة ألا يحتوي المشهد الذي به الشاشة الخضراء على تفاصيل (أشخاص، سيارات، ...) بها لون مماثل للون ستائر كروما، تفاديا لشفافية المشهد النهائي.
وتتم هذه العملية بمساعدة برامج وتطبيقات تعديل الفيديو أو الصور، حيث يتم عزل وإزالة لون معين من ألوان الطيف في مقطع فيديو مسجل (عادة اللون الأخضر أو الأزرق). وحالما يُعيَّن ويُفصل اللون الأخضر برمجيًا، تستطيع وضع مكانه ما يمكنك تخيله، حيث تبقى أجزاء الصورة الأصلية الغير خضراء على حالتها الطبيعية من دون أي تأثير. في حين تحتاج اللقطات الحية (البث المباشر) التي يُستخدم فيها "مفتاح الكروما - Chroma Key" إلى أدوات تستطيع التعرُّف والتلاعب بقنوات فيديو متعددة (أي مستويات محددة حسب اللون).
وتستعمل تقنية "مفتاح الكروما - Chroma Key" في الكثير من المجالات الأخرى ولا تقتصر فقط على تعديل وتغيير الخلفيات. إنما تُستعمل أيضا على سبيل المثال في مجال ثلاثي الأبعاد (الثري دي - 3D) لتحريك الأجسام والأشياء، كوضع شخصيات الرسوم المتحركة مثل تلك الموجودة في مسلسل (صراع العروش) على شكل تنانين. حيث بدلًا من التنانين التي تظهر بالمسلسل، هنالك شاشات خضراء احتياطية يستطيع الممثلون الإمساك بها والتفاعل معها والتي يتم تعديلها لاحقًا بوضع التنين مكانها.
وقد تطورت تقنية "مفتاح الكروما - Chroma Key" أو "الشاشة الخضراء – Green Screen" عبر العصور وأصبحت أكثر تعقيدًا وحساسية. فتطوير إمكانيات كشف الحواف والقدرة على فصل حتى شعرة واحدة من مقدمات رؤوس الممثلين من الشاشة الخضراء، جعلت من السلاسة دمج مشهد حي مع مؤثرات مدهشة وإظهارها بواقعية أكثر مما سبق. وفي الوقت نفسه أصبحت تقنية البرمجيات أقل تكلفةً وأكثر توفرًا من أي وقت مضا، حيث أصبحت هذه التقنية اليوم في متناول الجميع بما في ذلك المبتدئين. إذ يمكنك تجربتها على حاسوبك الشخصي أو حتى على هاتفك الذكي فقط.
ماهي البرامج التي تدعم الشاشة الخضراء ؟
وأتاحت البرامج والتطبيقات مثل (الفوتوشوب – PhotoShop) و (أفتر إيفيكتس- After Effets) و(آي موفي- iMovie) وغيرها من برامج تحرير الفيديو، حتى المصورين المبتدئين في التعديل والتلاعب بصور الشاشات الخضراء التابعة لهم أو حتى التابعة لغيرهم مع نتائج حتى المُعِد الحقيقي لم يكن ليصل إليها.
لماذا يُستخدم اللون الأخضر تحديدا ؟
اللون المُستَخدم يكون عادةً اللون الأزرق أو الأخضر البرَّاق، لأن كِلا اللونين بعيدان كل البعد عن لون بشرة الإنسان، ويصعب العثور عليها كثيرًا كلون للملابس.
وقد ظهرت تقنية "مفتاح الكروما- Chroma Key" لأول مرة في فيلم (لص بغداد) سنة 1940 من طرف المخرجين (مايكل بأول) و (ألكسندر كوردا). حصل الفيلم خلالها على جائزة الأوسكار، كأفضل تصوير سينمائي، وأفضل تأثيرات بصرية. كانت الستائر في تلك الفترة زرقاء، ثم تناوبت مجموعة من الألوان المختلفة عليها الى أن استقرت في لونها الشائع حاليا الأخضر اللامع الفاقع البرَّاق، وذلك لقلة انتشاره وتفاديا للاصطدامات اللونية بين اللقطات و الكروما فيما بعد.
شروط للحصول على نتائج جيدة
الفوائد الناجمة عن التقنية
توفر الشاشة الخضراء في الخدعْ السينمائية بشكل خاص، الكثير من الوقت والجهد والمال على المخرجين. كتغيير ديكورات والسفر من أجل التصوير... . فمثلا بدلا من أن يضطر فريق العمل لبناء البيئة المحيطة أو مثلا بناء ديكورات المباني التاريخية والتي تأخذ الكثير من الوقت والمجهود، فيمكن أن يتم تصوير المشهد بالكروما ثم تصميم البيئة المحيطة المطلوبة على برامج الجرافيك ثم دمجها بسهولة مع المشهد.
كما تضيف ميزة مهمة أيضا لدى صناع ومنتجي الألعاب بإضافتها لمناطق وعوالم جديدة رائعة، يكون فيها خيال أكبر مُلْهِمْ ومميز للمستخدم.
تعليقات
إرسال تعليق
نشكرك على رغبتك في التعليق حول هذا الموضوع، لا تقلق لن نتأخر في الرد عليك.